صناعة الترفيه

​منذ الإعلان عن الهيئة العامة للترفيه والتساؤلات تتقاذف في أذهان الناس حول هذه المؤسسة (البدعة) التي تسد فجوة طالت السنوات على صرير الرياح فيها و كانت مساحة لصراع عنيف بين تيارات تشدد كل منها و استبسل كي يحظى بفرصة السيطرة عليها مما جعل (الترفيه) يودع في قائمة سوداء تضم ركائز نظرية المؤامرة والتغريب والتحرر.
وبرغم الصمت الذي أطبق على الهيئة طوال الفترة السابقة إلا أنها اليوم بدأت باستراتيجية ذكية لترسية أهدافها ومشاريعها على الذهنية المجتمعية بأسلوب حذر يخشى إثارة التيارات التي بات صوتها متباينا بين العلو والخفوت بلا تأثير يذكر ولكنه مازال مصظر قلق وقد نلتمست ذلك في آخر تصريحاتها .

بقيت فئة مهمشة خارج إطار التفكير ودوما ما يتم تجاهلها في العالم الثالث وهي فئة الأخصائيين الاجتماعيين .. نعم ولن استغرب استهجان بعض القراء من هذه الإشارة ولكني أدعوكم جميعا لإعطاء هذا المقال فرصته ..

لماذا الأخصائي الاجتماعي؟؟
إن الاجتماعيين في هذا القرن يعملون بأسلوب تكاملي برغم تشعب الأساليب والنظريات والتخصصات وحاجتنا إلى الأخصائي الاجتماعي في جنب الترفيه ضرورة لأنه قادر على الإلمام بجوانب كثيرة هي في الحقيقة مؤثرة على نجاح تجربة الترفيه في الوطن وذلك لأن أدواته كممارس عام تشمل مهارات كثيرة ومهمة منها التشخيص و التخطيط و التنبؤ و بإمكانه أكثر من غيره تعزيز القيم و تحقيق الأهداف التنموية .. ويعتبر عدم وجود المتخصص في هذا الشأن نذير شؤم و فشل وارتجال لانتمناه.

فالترفيه كمؤسسة حكومية لا يعتمد على الجدوى الأقتصادية ، أو استقطاب الخبرات الأجنبية أو البهرجة الإعلامية فحسب.. فبرغم كون ماسبق أركان في صناعة الترفيه إلا أن الركن الركين الذي يضمن صمود هذا المشروع هو الرؤية الاجتماعية التي تنير الطريق أمام أي مشروع يتعامل مع المجتمع ويستهدف خدمته وإرضاءه أو استغلاله في أسوأ الظروف.

فغياب الرؤية الاجتماعية يعني نقص حاد في فيتامين النجاح و هدر للوقت والجهد والمال وإهمال لخبرات كبيرة وهامة نراها اليوم في مجلس إدارة الهيئة وهذه الهيئة بالذات لايليق بها الترهل الذي أصاب بعض المؤسسات فتحولت إلى سوق مقاولات لمن يطلب أقل أو لمن يدفع أكثر دون الاهتمام بنجاح العمل و قياس الأداء و تحقيق الأهداف القريبة والاستراتيجية.

كذلك نجد أن الأخصائي الاجتماعي ملم -سلفا- بالأنظمة واللوائح التي تتعلق بالمجتمع ومتى ما مكن من مباشرة العمل في مشروع موجه إلى المجتمع تجده مدرك لطريقة التخطيط؛ لذلك فإن السياسة الاجتماعية واحدة من الدروس الهامة التي يتمتع بأدواتها الأخصائي ليرصد مواطن الازدواج و نزاع الاختصاص و قادر على صياغة أسلوب العمل من خلال النظريات العلمية الاجتماعية لأن أهم أهدافه مساعدة العميل على التكيف و تجاوز المشكلات.

تلك الديموقراطية الشفافة التي بنى عليها العمل الاجتماعي هي كلمة السر لنجاح أي مشروع يكون المجتمع هدفا له.

وأكتفي هنا بالقول أن الترفيه يقع ضمن مهام عدد من المؤسسات و ليس لهيئة الترفيه وحدها .. على الأقل حتى الدقيقة التي ختمت بها المقال !!