بوح مع رامي

في إحدى مناسبات المسرح

ولما تدرجت في أعمال ووظائف مختلفة دفعني والدي وشجعني عليها، لم أكن أتخيل حينها بأنها ستصقل مهاراتي وتكسبني قدرة هائلة على العمل ومحبة الإخلاص والدفاع عن النظام واحترامه.

بدأت مع باعة الأرصفة و عمال الإعاشة وخدمات الطلاب ثم عملت في الجامعة ومنها لأمانة جدة و بعدها مجال الصحافة ثم وزارة الإعلام. والمسرح رفيقي المتوازي مع كل هذه التجارب تنضجه فيني ويعينني بدوره على خوضها.
ولا أخجل من تلك التجارب بل أفخر بها اليوم رغم قسوتها آنذاك.
أقول هذا وأنا بصدد دراسة عروض وظيفية جديدة وصلتني من عدة جهات.

وفي المسرح كنت أبوح لأخي وصديقي رامي الأحمدي قبيل أيام، بأني قد بدأت التمثيل والكتابة منذ مرحلة الثانوية بل وحتى الإخراج على اجتهاد متواضع جدا، واندفعت في صيف ١٩٩٨ إلى إحدى المسارح التجارية في جدة لأقدم عرضا مسرحيا وقوبلت فكرتي بالرفض وتعرضت للطرد والتوبيخ قبل أن تأخذ فرصتها على المسرح، فلم يعتقد مدير الموقع أن لدي موهبة وأن شابا قاصرا في نظره يمكنه تقديم شي.
وأصر المسرح عليّ بالاستمرار ودفعني لأؤمن بنفسي.
وقد ذكرت ماحدث في تدوينة سابقة نشرتها مجلة المعرفة، عن مواجهات قاهرة في هذا المجال حتى من زملائي عندما كتبت أولى نصوصي بالفصحى أو عندما حصلت على دور بسيط في إحدى العروض في الجامعة.

لن نستطيع نسيان الألم الذي ينقشه الآخرون بخناجرهم حتى نتفوق على ظنونهم، وسيبقى الألم دافعا للنجاح ووقودا فقط لمن يملكون الإيمان و حريصون على تنمية قدراتهم، ويتواضعون ليتعلموا من الكبير والصغير.

لقد علمنا المسرح من خلال أساتذة اهتموا بنا أن نحتوي الآخرين، ونؤمن بهم، ونعزز الثقة بينهم ليتحدوا ويتكاتفوا لاسيما وأن السيد النبيل كائن جماعي تشكل ملامحه المجموعة وتقتله الأنانية.

لذلك فإن المسيرة المهنية التي تتصاعد هي رزق وكرم إلهي وفضل للعائلة التي كانت ولاتزال ملاذ المجتهدين.

ولله أرفع أكف الضراعة شاكرا حامدا معترفا بفضل كل من ساندني لأكثر من ٢٠ عاما ملؤها العمل والدراسة.