أزمة المسرح التي يدَّعيها المخرجون هي أزمة نصّ، ويدّعي الممثلون أنها أزمة مكان، ويشير المؤلفون دائما إلى أنهم يحاولون إنقاذ المسرح من أزمته التي سببها المخرجون السطحيون والنجوم المهرجون.
ولو بحثنا بشكل بسيط لوجدنا أن النصوص (على القفا من يشيل) بل وتحصد الأقلام السعودية جوائزا ومراكزا دولية في المحافل المسرحية، ولنا حضور نستطيع بكل فخرأن نقول عنه عالمي – على مستوى النص- أما كمخرجين فحدِّث ولا حرج عن المنافسات التي يحصد فيها المخرج السعودي نصيب الأسد من الجوائز محليا وعربيا.. والممثلون السعوديون هم من يشكلون النسبة الأكبر على الشاشات ومواقع التواصل في الحضور والنجومية.
لذلك أزعم أن أزمة المسرح تكمن في الإدارة، فإدارة الإنتاج المسرحي تعاني من أمرين:
– الإداري الذي يتولى أمر المسرح وهو لايفقه كيف تُدار الفرق المسرحية، ويرهق الإدارة بعنجهية وغرور المسؤول الجاهل الغارق في البيروقراطية.
– عزوف المشتغلين في المسرح لأنها عمل مضن في الظل، وجهد مرهق في الكواليس ولا يستطيع الانخراط فيها إلا من ينكر ذاته، ولايهتم بالشهرة، ويعتنق مذهب المسرح بشغف لا منتهى له.
ويقف على إدارة الإنتاج.. ذلك المنتج – رأس المال – الذي يرى في الغالب أن المسرح “مكدَّة الفَلَس” على قول (بحر) ولا يمكن بحال من الأحوال استثماره في العمل الإعلامي والثقافي ليحقق إيرادات وأرباحا تجارية ومنفعة اقتصادية عامة.
ومنذ أن عملت على مشروع مسرح كيف في 2006 بعد 9 سنوات من الاشتغال المسرحي في المدرسة والجامعة والفرق الأهلية.. اضطررت للتنازل عن دوري كممثل واقتصرت مهمتي كباحث على الجوانب الإدارية والإخراجية.. لأتمكن من قيادة الفريق وإدارة إنتاجه من عروض ودورات ومبادرات مختلفة،والحمد لله أن الفريق اليوم في سنته الرابعة عشرة وقد أنجز أعمالا نفتخر بها.
وكذلك في مسرح السعودية عندما بدأنا العمل على تخطيط المبادرة وتجهيز أفكار المشروع وأبعاده في نهاية 2017 أتذكر اني قلت للمنتج الأستاذ عدنان كيال (المسرح مغامرة تحتاج لمنتج شجاع مؤمن بأهميته وكون هذه المبادرة مشروع نوعي لم يسبقه مثيل من قبل من حيث التنظيم والإدارة والإنتاج فإنه سيواجه عقبات توازي حجم الطموحات والآمال) ، وقال عدنان (بالفم المليان) “إحنا قدَّها وقدود” وكان كما قال.
واليوم نشاهد عدنان كيال على رأس الفاعلين في مشاريع الترفيه وبالذات مبادرة المسرح العربي الذي استقطب عروضا لأهم النجوم العرب وهي مبادرة نجحت بمقاييس الفن ومقاييس الجماهيرية فحقق لكل الفئات فرصة الالتقاء بما يتناسب مع أذواقهم المتباينة.
ومن إنجازات عدنان التي لايراها إلا من يحتك بالعمل معه.. تكوينه لفريق إدارة إنتاج مسرح وتلفزيون من الشباب السعودي حتى أنه كان حريصا على إخضاعهم لتدريب عملي مع متخصصين داخل السعودية وخارجها، لذلك أصبح يدير فريقا شابا متمكنا من إدارة الفعاليات المسرحية وهاهو يقف على أهم الفرق والعروض ومع أبرز نجوم الفن العربي.
هذا النجاح الإداري في مسرح السعودية و المسرح العربي يؤكد لنا أهمية تمكين هذا المسؤول الشغوف بالمسرح وضرورة دعمه ليحقق طموحات المسرح السعودي هو وكلّ مسؤول يعمل في حلّ أزمات المسرح السعودي المتمثلة في المنتج / الإداري / الفنان الذي ينكر ذاته، ويضع المسرح في صدارة الفعاليات وفي أجندة الجمهور بعد أن كان مقتصرا على الاجتهادات الشخصية والمحاولات المستميتة التي يقوم بها المسرحيون نضالا ومقاومة لظروف أبي الفنون المستعصية.