أسلوب التجربة المسرحية

يعتمد هذا الأسلوب على نظرية مفادها (أن كل سلوك في الحياة خاضع بشكل مقصود أو غير مقصود للتجربة التي تبحث عن نتيجة ( ردَّة الفعل ) المواجهة لهذا السلوك .. سواء بالرفض أو القبول .. وكل ردود الفعل عبارة عن سلوكيات تخضع أيضا لفكرة التجربة .. وهكذا دواليك).

والعمل المسرحي واحد من ضروب الانتاج الاجتماعي الذي يعتبر في نظري إفراز للظروف والعادات والتقاليد ، وتؤثر فيه الحالة الاجتماعية لدى فريق العمل والمتلقي ، ودراسة المسرح لا تكون (كاملة) إذا اقتصرت على النص فقط .. ( أدبيا ) كما هو الحال في علم اجتماع الأدب فنحن بهذا نتجاهل ردة فعل المتلقي وهو ركن ركين من أركان المسرح ، وإذا جاءت نظرتنا منغلقة على العرض كما في أسلوب السايكودراما العلاجي فنحن نتجاهل اللبنة الرئيسة في صناعة العرض .

إن ما أسجله اليوم لكم وأنا أعمل عليه منذ عام 2006م ، هو بيان لما أعمل عليه كأرضية وتأسيس لمسرح كيف كأسلوب يعتمد على التجربة المسرحية .. تلك السلوكيات التي نصممها ونخططها لتحيا على خشبة المسرح أو دونها كلحظات عفوية من الحياة.

قد يرى البعض أنها فكرة معقدة لأنها تحتاج إلى مباشرة الحدث وتسجيله وملاحظته بدقة ، ومراقبة عناصره منذ بدء التكوين للتجربة المسرحية وحتى ممارستها كحياة .. وما بعدها.. وهذا التعقيد هو سمة يفرضها علينا هذا الفن الآني الخالد إذ لا يصح أن يُعرف المسرح بأنه فن اللحظة ونقوم بدراسته بعد انتهاءه ؟! فمن لم يرصد أحداث صالة العرض سيقدم انطباعا لا يعدو كونه توقعات وتكهنات لن تقارب الصدق والواقع.

وكذلك يحتاج هذا الأسلوب إلى راصد نابه ذكي مثقف مسرحيا واجتماعيا وباحث متمكن من أدواته العلمية لتعينه على التعمق في الفهم لما يرصد من سلوكيات.

أذكر عندما طبَّقت دراسة في دبلوم الدراسات العليا في البحث الاجتماعي بجامعة الملك عبدالعزيز وجدت نفسي بين جدة والرياض والدمام لأباشر دراسة بعض العروض، وكنت حريصا فيها على ضبط ما يحدث من سلوك المؤدي والمتلقي ووجدت أمرا في غاية الدهشة جعلني أؤمن بفكرة مسرح التجربة التي أتوقعها ستلهم الكثير من المسرحيين الذين يتوقون لممارسة اللعب مع المتلقي .. لاسيما وأن بيننا مسرحيون رائعون مغامرون بمافيه الكفاية لتقديم جنونهم بعيدا عن القواعد والمسلمات القديمة في عالم المسرح والاجتماع.

والمنهج العلمي الذي يخدم ( التجربة المسرحية) هو المنهج ( الكيفي / النوعي ) الذي يعتمد الملاحظة والمقابلة وتحليل المضمون كأدوات رئيسة لتطبيق البحث والتجربة ، ولايمنع ذلك من توزيع الاستبانات في حال رغب الباحث في رصد كمي يدعِّم نتائجه.

هذه المقالة نشرت لأول مرة عام 2015  كبيان من محترف كيف للفنون المسرحية