بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على إعلان الرؤية السعودية 2030 والتي انبثق عنها برنامج التحول الوطني المتضمن عددا من الأهداف و يشمل مشاريع من شأنها إعادة ترتيب الحياة السعودية من كافة النواحي.
وبحكم اهتمامي بالجانب الثقافي والفني و اشتغالي في النشاط المسرحي ، و ارتباطي بوظيفتي الإعلامية بدأت في مناقشة أفكار وخواطر حول مستقبل المسرح السعودي ، بعدما أيقنت بأنه قد كتب عليه مصير حتمي بالنضال للحفاظ عليه مستقرا في غرفة إنعاش.
عندما صرح معالي وزير الثقافة والإعلام عادل بن زيد الطريفي بإقامة المركز الملكي للفنون و المسرح الوطني .. تذكرت تغريدة لي قبل عام في تويتر أنادي بهذا الحلم ، بل و تذكرت مطالبتي بأكاديمية للمسرح في جريدة الوطن قبل سنوات ، وهاهو الحلم و الطلب يجاب بمرور الزمن .. ولكن!
المرعب في هذه الإجابة أن الوضع المتردي حاليا سببه اعتلاء الكرسي لمن لا فقه لديه بالأهمية الحضارية للمسرح والثقافة عموما ، وستكون المصيبة أعظم متى استمر وضع المسرح رهنا للبيروقراطية والعمل المركزي الذي يستزف المبدع و ينحصر طموح ابن البلد في الحصول على فرصة لتقديم إبداعه بدلا من استقطابه وتفريغه و الاعتزاز به و الاحتفاء بجهوده التي تعتبر علامة في وجه الحضارة الوطنية.
المقلق لي كمسرحي أن نمر بما مر به غيرنا فينخفض سقف الحرية وتشديد الرقابة و تجنيد المسؤول و عسكرة الفنانين و يتحول المسرح لافتتاح الملاعب و الأسواق و المهرجانات السياحية بدلا من الدور الإصلاحي التنويري المناط به كفن يقوم على القيم و المثل.
المدهش إلى الآن هو وضع المسرح الذي تضطهده وزارة التعليم و لا تعترف به كمادة دراسية تربوية ولا حتى كنشاط مدرسي فهل سيكون في الجدول الدراسي مستقبلا حصة مخصصة للتربية المسرحية حتى تتمكن -على الأقل- من إفهام الطلاب (الجيل) بأن المسرح ليس وصلات تهريج و مشاهد مؤدلجة!
المؤلم حاليا أن المسرح عندما استبشر في 2007 بجمعية المسرحيين وذرف دموع الفرح لازال يبكي لأن الجمعية حتى الآن لاتملك مالا و لا رئيس ولا مجلس إدارة ولا #بطيخ.
وتقف الوزارة المسؤولة بلا دور بفضل العقلية القانونية التي تتمتع بها.
فمن يقول بأن لدينا جمعية مسرحيين فهو يتحدث عن طلسم من المستحيل تفسيره.
الأمر المضحك المبكي هو حال المسرح في جمعيات الثقافة والفنون فعلى سبيل المثال ، في جدة لايتمكن المسرحيين من التعاون مع جمعية حصلت على حفاوة وتقدير دولي للثقافة والفنون (وهي لم تهتم بأبي الفنون) .
وفي الأحساء يكافح الفرع اليأس و يصنع عروضا للجماهير -من لاشي- بإصرار المسرحيين من أبنائها برغم انهيار جزء كبير من مبنى الجمعية !!!
في الدمام يتنفس المسرح من خلال شراكات مع جهات أخرى.. كان لها فضل بعد الله ثم من يعمل بجد للحفاظ على تواجد المسرح !
في الطائف يبقى المسرح شامخا برغم كل المحاولات التي تهدف إلى الإطاحة به وبنهوضه نهضت باقي الفنون في فرع الطائف.
و الكل يتسائل من يراقب هذا العمل ويتابع إجراءاته المالية والإدارية ؟؟؟؟
كل ما سبق يوضح مانسبته 10% من المعاناة التي يعانيها المبدع .. وقد تجاوزت ما يلاقيه المسرحيون مع باقي الوزارات و القطاعات الأخرى من أساليب البيروقراطية والمركزية و الرقابية و المالية والخدمية.
فإن لم تستطع وزارة الثقافة والإعلام انتشال المسرح من غياهب هذه المعاناة .. فهل هي قادرة على (المسرح الوطني) أم أن له توصيفا يختلف عما هو معروف في معظم الدول (المسرح القومي في مصر) مثلا.
ولذلك فإننا يجب أن نعي حجم مشروع المسرح الوطني إذ من الضروري أن يؤسس على خطط استراتيجية رصينة واسعة التأثير لنضمن تحقيقه للأهداف الحضارية من خلال برنامج التحول الوطني الذي تتطلع الرؤية السعودية لتحقيقها بناء على ما تنشده القيادة الرشيدة.